فرنسا ترفض قانون تجريم الاستعمار وتصفه بالعدائي.. تصعيد تشريعي جزائري يعيد العلاقات مع باريس إلى مربع التوتر الدبلوماسي

 فرنسا ترفض قانون تجريم الاستعمار وتصفه بالعدائي.. تصعيد تشريعي جزائري يعيد العلاقات مع باريس إلى مربع التوتر الدبلوماسي
الصحيفة - إسماعيل بويعقوبي 
الجمعة 26 دجنبر 2025 - 23:45

يبدو أن العلاقات الفرنسية الجزائرية تدخل مجددا منعطفا دبلوماسيا حادا، بعد رد الفعل الفرنسي القوي إزاء القانون الذي صادق عليه البرلمان الجزائري بالإجماع، والقاضي بتجريم الاستعمار الفرنسي للجزائر والمطالبة باعتذار رسمي وتعويضات عن الحقبة الاستعمارية، وهي خطوة اعتبرتها باريس "مبادرة عدائية"من شأنها تقويض الجهود الرامية إلى إعادة بناء جسور الحوار بين البلدين، في وقت كانت فيه مؤشرات خجولة توحي بإمكانية انفراج سياسي نسبي بعد أشهر من التوتر.

الموقف الفرنسي، الذي عبّرت عنه وزارة الخارجية مساء أمس، لم يأت فقط بصيغة الرفض، بل حمل في طياته قلقا واضحا من التحول الذي يمثله النص الجزائري، سواء من حيث طابعه التشريعي أو رمزيته السياسية، فباريس رأت في القانون تصعيدا غير منسجم مع ما تصفه بـ”

"العمل الهادئ" على ملف الذاكرة، وهو الملف الذي ظل لعقود إحدى أعقد العقد في العلاقة الثنائية، رغم محاولات متقطعة لتطويقه بإجراءات رمزية أو مبادرات تاريخية مشتركة.

وتخشى الدبلوماسية الفرنسية أن يؤدي اعتماد هذا القانون إلى نسف ما تبقى من قنوات الحوار، خاصة في ظل حساسية الظرف السياسي والإقليمي، حيث تظل ملفات الأمن والهجرة ومكافحة الإرهاب رهينة حدّ أدنى من التنسيق بين البلدين. 

وفي هذا السياق، حرصت باريس على الجمع بين التعبير عن الانزعاج والتأكيد، في الوقت ذاته، على رغبتها في مواصلة "حوار صارم" مع الجزائر، في محاولة واضحة لتفادي القطيعة الكاملة، دون تقديم أي التزام بخصوص مطلب الاعتذار أو التعويض.

في المقابل، يُنظر داخل الأوساط الفرنسية إلى القانون الجزائري باعتباره خطوة ذات طابع سيادي داخلي، لكنها تحمل رسائل خارجية مباشرة، خصوصا أنها تنقل ملف الذاكرة من مستوى الخطاب السياسي إلى مستوى التشريع الملزم، ولو رمزيا، كما أن تضمين النص أحكاما جزائية تجرّم تمجيد الاستعمار أو إنكار طابعه الإجرامي يثير مخاوف إضافية في فرنسا، سواء على مستوى حرية التعبير أو على صعيد التعاون الأكاديمي والتاريخي بين الجامعات ومراكز البحث في البلدين.

ويندرج الموقف الفرنسي المعبر عنه في إطار مقاربة واقعية تسعى إلى تفادي تسييس ملف الذاكرة وتحويله إلى أداة ضغط تشريعي، إذ تعتبر باريس أن تحميل الدولة الفرنسية مسؤولية قانونية عن حقبة تاريخية معقّدة لا ينسجم مع منطق العلاقات الدولية المعاصرة ولا يخدم بناء شراكة مستقبلية متوازنة.

 وفي الوقت نفسه، لا تُخفي فرنسا إدراكها للبعد السياسي والرمزي الذي تكتسيه الخطوة الجزائرية داخليا، خاصة في ظل الإجماع الذي رافق اعتماد النص داخل البرلمان، وهو ما يفسّر اعتماد الخارجية الفرنسية لغة حذرة ولكن حازمة، تهدف إلى احتواء التصعيد والحفاظ على قنوات الحوار مفتوحة، دون الانخراط في مسار قد يفضي إلى التزامات تاريخية أو قانونية واسعة يصعب ضبط تداعياتها.

ويأتي هذا التطور في وقت كانت فيه بعض الإشارات قد برزت خلال الأسابيع الماضية، موحية بإمكانية تهدئة تدريجية، سواء عبر قنوات غير معلنة أو من خلال تصريحات أقل حدّة من الطرفين، غير أن القانون أعاد العلاقة إلى مربع التوتر، وكرّس من جديد مركزية ملف الذاكرة باعتباره عامل تعطيل بنيوي لأي تطبيع مستدام بين الجزائر وباريس.

ولا ينفصل هذا التوتر الجديد عن السياق الأوسع للأزمة الدبلوماسية بين البلدين، والتي تفجّرت أساسا عقب اعتراف فرنسا، سنة 2024، بمخطط الحكم الذاتي للصحراء تحت السيادة المغربية، وهو القرار الذي اعتبرته الجزائر مساسا مباشرا بمواقفها الإقليمية وأحد أسباب التدهور الحاد في الثقة السياسية مع باريس.

 كما ساهمت قضايا أخرى في تعقيد المشهد، من بينها اعتقال الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال قبل الإفراج عنه لاحقًا، واستمرار اعتقال الصحفي الفرنسي كريستوف غيليز، ما أضفى بعدا حقوقيًا وإعلاميا إضافيا على الخلاف القائم والذي ببدو أنه يتجه مرة أخرى نحو مزيد من التعقيد .

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...